بحث

نحو ترسيخ مبدأ ديمقراطيّة القوى العاملة

إنه وفي الطريق نحو ديمقراطية الجماهير أصحاب المصلحة في التغيير يجب أن تُستكمل الديمقراطية البرلمانية التمثيلية بالديمقراطية المباشرة، يجب أن تصبح الاستفتاءات وسيلة مهمة لتحقيق هذه الغاية. ولكن في المرحلة الأولى من عملية إحداث التحول الجذري لنظام الدولة بدون المرور بالفوضى الخلاقة، يجب بناء النظام الموازي المدعوم بالجماهير الحقيقية الواعية بحقوقها والمتوافقة على العقد الاجتماعي التشاركي والتي تتكون في مجموعات لجان أو مجالس أو خلايا محليه على مستوى الأحياء ثم تمثل في المناطق ثم المدن ثم الأقاليم، استنادا على أقاليم السودان الستة، وبنفس القدر في المجموعات المهنية والعمالية المنتظمة والموجودة في السوق والمعطلة كذلك، بالإضافة لمجالس الجنود والطلبة التي تتوافق أيضا على العقد الاجتماعي التشاركي وتبدا مشوار الطريق نحو ديمقراطية القوى العاملة. إن تنظيم الجماهير لنفسها في لجان مقاومة أو نقابات بديلة أو مجالس أحياء هو بداية الطريق لخلق الأفضلية في مواصلة الضغط الجماهيري لتركيع نظام الدولة التقليدي، وتنظيم مجالسها المحلية وانتخاب ممثلين شرعيين، لتكوين مجالس الأقاليم أو البرلمانات الإقليمية من ممثلي تلك المجالس. تواصل المجالس المحلية والبرلمانات الإقليمية في العمل على تشكيل الحكومات الإقليمية وتكوين مجلس وطني انتقالي للبلد، يستلم مهامه لقيادة المرحلة الانتقالية، وصولا للتأسيس لانتخابات حرة تعقب فترة التأسيس والتكوين لشكل دولة متوافق عليه من القواعد. في ظل وجود هذا الشكل التنظيمي للدولة الموازية نستطيع التوجه نحو ديمقراطية القوى العاملة، دون المرور بمراحل الهدم الكامل للنظام، أو فالنقل مراحل الفوضوية الثلاثة التي يعول عليها المؤمنين بنظرية الهدم البناء، حيث أن السودان الآن يتأرجح بين نموذجي الفوضى الخلاقة والهَدم البَنّاء مقبلا على فترة زمنية حرجة من خمس سنوات إلى عشر سنوات، حتى تبدأ تستقر النسخة المرغوبة للسودان من قبل المركز الرأسمالي، حيث يرغبون في تكوين السودان ذي الاقتصاد المتحرر أو ما سيتبقى منه للأسف لا تحمل هذه النماذج لنا كسودانيين الخير (الفوضى الخلاقة او الهَدم البَنّاء)، فالفوضى للسودان والخيارات الخلاقة لتداعيات الفوضى على المركز الرأسمالي ودول الغرب. والهدم للسودان والبناء لمصالح دول الغرب وعملائها الإقليميين فيه بعد أن انتهت أذرع القوى العالمية من أهم مرحلة، وهي زراعة قواعد الفوضوية الثلاث، وهي: الكفر بالدولة وعداء أجهزتها بدون وعي كاف لتكوين جهاز مواز. العداء للأحزاب جميعها بصورة عمياء بدون خلق تنظيمات سياسية او مجتمعية موازية. الكفر بمبدأ القيادة الموحدة والانشغال بالتأثيرات الجانبية للحراك الثوري عن البرنامج السياسي الموحد والقيادة الجماهيرية النابعة عن الجماهير إن التغييرات في علاقات الملكية، لا سيما في القطاع المالي، وتعزيز القطاع العام والجمهور الديمقراطي هي بدائلنا للخصوصية الليبرالية الجديدة المطروحة علينا التي يجتهدون على إرغامنا عليها هي عبر دولة القانون والنظام الاستبدادي. إن تعزيز البرلمانات والديمقراطية التشاركية بالنسبة لمطلوبات الطريق نحو ديمقراطية القوى العاملة يعتبر إحدى أحجار الأساس، حيث تنتمي الحريات المدنية وحقوق المشاركة السياسية والاجتماعية والفردية والجماعية معًا. إن مفهوم توسيع السيطرة الديمقراطية والمشاركة في التصميم في الاقتصاد الاجتماعي وفي الدولة، في وسائل الإعلام والتعليم والعلوم، وغيرها من مجالات المجتمع، هو مفهوم مبدئي وأساسي للوصول للمجتمع التضامني التشاركي، يجب ألا تكون المصانع والقوى العاملة تحت تصرف المستثمرين الماليين فقط، لذلك فإن حق العامل يستوجب أن ندعو إلى وضع قانون التكافؤ والتأكيد على حق القوة العاملة في الاعتراض على إغلاق المصانع غير المهددة بالإفلاس أو الإقالات الجماعية للعمالة. لقد قوضت الرأسمالية أسس الديمقراطية كحكم الشعب لتصبح الانتخابات مهزلة، إذ سمح أولئك المنتخبون في معظم دول العالم بقراراتهم أن تُبدد الحقوق من قبل الشركات الكبرى وأصدقائها في مراكز القوة، وبالتالي تهربوا من المحاسبة الديمقراطية. تقود هذه الجدلية البسيطة إلى أن تكون المطالبة بعدم الموافقة لجمعيات الأعمال والشركات بالتبرع للأحزاب السياسية وحظر وجود أعضاء من برلمانات الولايات أو كل مستويات الحكم المحلية الإقليمية والمركزية على رواتب خارج المدفوعات الحكومية، كما يجب أيضًا تحديد التبرعات الكبيرة من الأفراد من أجل حماية الحريات من تأثير الأموال الكبيرة. إن الدعوة لتعزيز جميع الهيئات التمثيلية – من المجلس البلدي إلى البرلمان المركزي – كهيئات صنع القرار الديمقراطي. ولتحقيق هذه الغاية، تحتاج الهيئات التمثيلية إلى الحقوق المقابلة وإعادة المصادر، حتى تتمكن من العمل على قدم المساواة مع الحكومات والإدارات. يجب ألا يتم إبلاغ البرلمانات في الوقت المناسب وبطريقة شاملة من قبل الحكومات حول إعداد القرارات فحسب، بل يجب أيضًا أن تشارك في العملية باعتبارها ممثلة لأصوات الجماهير، يجب الاستماع إلى مواقف النقابات العمالية، والاجتماعية، والبيئية، والمستهلكين، ورابطات الشباب والمعوقين، ومنظمات المساعدة الذاتية، والحركات الديمقراطية في مرحلة مبكرة من مراحل سن القوانين. لخلق مجتمع تضامني تشاركي ديمقراطي عقب ملية تغيير جذري للنظام القديم يجب بتخفيض سن التصويت في جميع الانتخابات إلى 16. إن الطريق إلى ديمقراطية القوى العاملة يدعو إلى تطوير أشكال جديدة من السياسة من أسفل من القواعد لمشاركين لا يخضعون لأي سلطة مالية أو أيدلوجية عليه من باب أولى إشراك الشابات والشباب في تكوين السودان التضامني التشاركي الديمقراطي، كما يشمل ذلك الطريق الاعتماد على ادوات الإضراب السياسي والإضراب العام أيضًا. يجب أن تخلق ديمقراطية القوى العاملة ديمقراطية نابضة بالحياة، تحوي فرصًا غير محدودة لاتخاذ قرارات ديموقراطية مباشرة بشأن المبادرات الشعبية واستشهادات الجمهور وكذلك الالتماسات العامة والمراجع، في الوقت نفسه، ينبغي إجراء استفتاءات إلزامية بشأن المعاهدات والاتفاقيات التي يعتمدها السودان؛ يجب منح المواطنين في جميع أنحاء الوطن الحق في التأثير بشكل فعال على صنع القرار الذي يحدد علاقاتنا بالدول والمنظومات الخارجية من خلال مبادرات المواطنين والالتماسات والاستفتاءات. البلديات والمجالس الديمقراطية هي اساس تعتمد عليه حرية المواطنين في تقرير حياتهم بأنفسهم إلى حد كبير، حيث يتم تحديد القضايا اليومية المهمة، وكذلك القضايا المتعلقة بمستقبل المجتمع هناك. ولذلك يجب أن تلتزم الدولة بتعزيز الحكم الذاتي للبلديات، وممتلكات البلدية القوية، والتطوير الفعال للخدمات العامة ذات الاهتمام العام، حيث إنه لم يكن الهدف من الديمقراطية أن تكون حاوية فارغة، فإن البلديات بحاجة إلى موارد مالية كافية وإمكانيات للتدخل في العمليات الاقتصادية والاجتماعية. لهذا السبب أيضًا، يتعارض مفهوم خصخصة الخدمات العامة ذات النفع العام وأنظمة الضمان الاجتماعي مع مبدأ ديمقراطية البروليتاريا عليه إعادة الملكية العامة لممتلكات المجتمعات المحلية هو ضرورة واجبة النفاذ. بالنسبة إلى مبدأ ديمقراطية القوى العاملة، فإن البلديات والمجالس المحلية ليست مجرد مستوى إداري، ولكن أيضًا مستوى إبداع حاسم. هنا يواجه المواطنون جميع التناقضات في التنمية الاجتماعية بشكل مباشر، ويتعلمون كيف تعمل السياسة، ويكونون جزء منها من خلال أدوات المشاركة المباشرة للمواطنين، يمكنهم إحداث تغييرات حقيقية وترجمة أحلامهم إلى أفعال وتذوق الفوز والخسارة والتعلم من خلال التجارب ومراكمة المعرفة الحقيقية. يجب أن يكون للبلديات والمجالس المحلية مكانة أقوى في النظام المركزي، وبهذه الطريقة سيكون للمواطنين تأثير أكبر على طريقة حل المشكلات المحلية والإقليمية. في البلديات والمجالس المحلية، هناك فرصة لتجربة أنماط حياة جديدة، لهذا الغرض، يجب توفير مساحة للتنظيم الذاتي السياسي والاجتماعي والثقافي. يجب تقديم الخدمات ذات الاهتمام العام من قبل البلديات والمجالس المحلية بنفسها، يجب ألا يكون هناك مجال لفوائد الربح في هذا السياق أبدا، لذلك فإنه من المصلحة العامة الحفاظ على الملكية العامة وعدم السماح بمزيد من الخصخصة لخدمات البلدية. وبدلاً من ذلك، فإن إعادة تحويل الممتلكات المخصخصة إلى ملكية البلدية أمر ضروري لتوفير الخدمات ذات المصلحة العامة. لتعزيز مكانة البلديات في النظام المركزي، هناك حاجة إلى تغييرات في ثلاثة مجالات على الأقل، يجب تأطير القانون الدستوري المحلي بطريقة تمكن البلديات من الاضطلاع بمهام على مسؤوليتها الخاصة إلى حد أكبر. هناك حاجة إلى دستور مالي لضمان التمويل على أساس الحاجة لروابط ولجان البلديات والمجالس المحلية. يجب صياغة القانون التجاري البلدي بطريقة يمكن أن تشارك فيها المؤسسات البلدية في الحياة الاقتصادية على قدم المساواة. يجب تعزيز المؤسسات العامة حتى يمكن أن تتطور دورات الأعمال الإقليمية بشكل أفضل لتنفيذ مجالات العمل الثلاثة هذه، من الضروري توسيع الديمقراطية البلدية. إن التعزيز ذي الصلة لمشاركة المواطنين في عمليات صنع القرار سيحمي الخدمات البلدية ذات المصلحة العامة. إن مبدأ ديمقراطية القوى العاملة يعمل من أجل سياسة موازنة تشاركية، من أجل الموازنات التشاركية باعتبارها شكلاً مهمًا من أشكال الديمقراطية البلدية والمحلية على أدنى مستوياتها. تتمثل في بلديات المواطنين القائمة على التضامن والتي يمكن للناس من خلالها فصل شؤونهم وإدارة شؤونهم الخاصة وأخذ إعادة الهيكلة الاجتماعية والبيئية لمجتمعاتهم بأيديهم بشكل مستقل. يعد الحكم الذاتي للمجتمع المدني مجالًا مهمًا لتقرير المشاركة الديمقراطية، يقوي التعايش الاجتماعي في المدن والقرى والبلديات، حيث تمكّن الجمعيات والنوادي والمبادرات العديد من المواطنين من تحمل مسؤولية المهام المجتمعية في العديد من المجالات. لذلك، يدعو مبدأ ديمقراطية القوى العاملة إلى دعم الجهات الفاعلة في المجتمع المدني التي تتولى مهام مجتمعية. إنه مبدأ يتطلب الشفافية والرقابة العامة في هذا المجال لضمان احترام المعايير الاجتماعية والبيئية. الشروط المسبقة الوحيدة لأي عملية إجازة لأي مشروع بلدي هي الشرعية الديمقراطية والتمويل البلدي الكافي له.

https://www.medameek.com/?p=86688…جميع الحقوق محفوظة لصحيفة مداميك، لقراءة المزيد قم بزيارة

Table of Contents

Share in

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Email
Related Post