المنتصر أحمد – 09.09.2024
انه لا يخفى على الجميع عظم الأزمة السودانية الراهنة ، على الاقل عظمها بالنسبة لنا نحن السودانيين، والمتمثلة في الحرب الطاحنة لا سيما وانها أزمة اتسمت بعنفي الدولة والبادية سويا على انسان السودان، تبعهما رضينا ام ابينا انقسام سوداني داخلي حول الانحيازات والياتها وتاثر تلك الانحيازات بالمصالح الطبقية للافراد والمجموعات على الحد السواء، في ظل هذا الوضع طالعنا في جريدة الميدان لسان حال الحزب الشيوعي السوداني تصريح على لسان الناطق الرسمي، تبعه بيان من سكرتارية اللجنة المركزية للحزب منشورا في منصات الحزب الرسمية في الاسافير، ليلقي كل منهما التصريح والبيان اعني الضوء على موقف الحزب من راهن الحرب الاني والتدخلات الدولية المتزايدة سياسيا والمتوقعه مستقبليا حسب توصية تقرير الامم المتحدة.
.
ورغم التشابه في الطرح العام، يظهر التباين بين النصان في التفاصيل والنهج.
.
ان كلاهما اتفقا على دور الحركة الجماهيرية كقوة أساسية في التصدي للتحديات الماثلة أمام السودان، مشددين على ضرورة وقف الحرب التي تمزق البلاد، وتأكيدهما على رفض التدخل العسكري الدولي.
.
كما ان كلاهما يدين انتهاكات طرفي الحرب ويشير إلى الجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوداني.
.
ومع ذلك، امتاز تصريح الناطق الرسمي بترحيبه وان وصف بالحذر بتقرير بعثة الأمم المتحدة الأخير، مع إبداء تحفظات على بعض الجوانب مثل عدم تسمية الدول المتورطة في تسليح الأطراف المتصارعة.
بينما انبرى البيان في توجيه تحذير أشد لهجة من الأطماع الخارجية مسميا المحاور والدول ومنابرها، مركزًا على رفض التدخل الدولي وتحذيراته من محاولات تقسيم البلاد ونهب ثرواتها وقدم دعوته الواضحه لخروج غير المدنيين من السياسة والاقتصاد .
كما ركز البيان على عدم قانونية وشرعية اي تقسيم لاراضي عبر ماسماها حكومات الامر الواقع ان تم تكوينها وعبر عن رفضه لاي حكومة لا تمثل سلطة الشعب المدنية الديمقراطية المنتخبة كما سماها.
ان النصان اتفقا في عدة نقاط رئيسية تتعلق بأزمة الحرب في السودان، وأبرزها إدانة التصريح والبيان لجميع الانتهاكات التي ترتكبها الأطراف المتصارعة، مع التركيز على الجرائم التي تمس المدنيين، وهو ما يجسد إدانة واضحه لجرائم الحرب.
كما اتفق النصان على أن الحلول لأزمة السودان يجب أن تأتي من الإرادة الشعبية الداخلية، دون الاعتماد على حلول خارجية.
.
بالإضافة إلى ذلك، هناك توافق قوي بين التصريح والبيان على رفض التدخل العسكري الدولي كحل للأزمة، مع تأكيد على ضرورة وقف الحرب كخطوة أولى نحو تحقيق الاستقرار في البلاد.
.
ومع ذلك، هناك نقاط اختلاف بين النصين، مثالا يختلف التصريح والبيان في موقفهما من تقرير الأمم المتحدة.
ففي حين رحب التصريح بالتقرير مستخدما لعة دبلوماسية باضافة كلمة حذر، إلا أنه ايضا عبر عن تحفظات بشأن بعض جوانبه، بينما تجنب البيان الإشارة إلى هذا الترحيب وركز بشكل مباشر على انتقاد التدخلات الدولية.
.
إضافة إلى ذلك، ركز البيان بشكل واضح على خطورة التدخلات الخارجية بانواعها من استثمار عبر اتفاقيات انية او مكاسب من دعم احد اطراف الحرب وخص بالذكر محاولات تقسيم السودان، بينما يتناول التصريح هذه التدخلات من منظور نقد محدد لبعض جوانب تقرير الأمم المتحدة.
.
أخيرًا، فيما يتعلق بالحلول المقترحة، البيان قدم رفض قاطع لأي تدخل دولي، مع التشديد على أن الحل يكمن في الحركة الجماهيرية السودانية وحدها، في حين أن التصريح ترك مساحة لاستقبال بعض مخرجات التقرير الأممي بحذر.
.
من وجهة نظر متواضعه لكاتب هذة السطور يمكن تفسير هذا التباين في اللغة والنبرة المستخدمة بين التصريح والبيان بأنه محاولة من الحزب الشيوعي لتوضيح موقفه أمام قاعدته الشعبية، والتأكيد على رفضه الكامل لأي محاولات خارجية لاستغلال الأزمة السودانية. البيان جاء ليعزز موقف الحزب الصارم الذي وقفه طيلة فترة الحرب عبر بياناته الرسمية ولسان حاله الميدان التي ظلت تصدر رغم طروف الحرب والاعتقال ضد التدخل الدولي ذاك الموقف الذي توج بوثيقة صادرة عن لجنته المركزية اقل ما يقال عنها انها وثيقة تاريخية تفصيلية لموقف الحزب من الراهن ورؤيته لحل الازمة نتفق او نختلف معها فهي كانت وثيقة ضافية شملت كل ما يجب ان تشمله .
.
كما أعتقد ان البيان الصادر من قيادة الحزب متمثلة في سكرتارية لجنته المركزية صدر ليزيل أي لبس قد يكون نجم عن تصريح الناطق الرسمي وتعمد البيان ذكر الجملة الاتية في ختامه كنتيجة لازمة:
“وربط وقف الحرب باسترداد الثورة، وضمان وحدة البلاد ومنع تقسيمها، وخروج العسكر والدعم السريع من السياسة والاقتصاد، والترتيبات الأمنية لحل الدعم السريع ومليشيات المؤتمر الوطني وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد، تحت إشراف الحكومة المدنية، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية”.
.
بينما يظهر التصريح بعض المرونة والدبلوماسية في التعامل مع المجتمع الدولي، كان البيان في تقديري البسيط أكثر حزماً في تأكيد أن الحل السوداني يجب أن ينبع من الداخل.
.
في نهاية المطاف، يبقى الهدف الأساسي لكلا النصين هو إنهاء الحرب، والحفاظ على وحدة السودان، وتحقيق مطالب الثورة الشعبية دون تدخلات خارجية تشوه مسارها.